أوسامو تيزوكا عراب الانمي والمانجا
بحلول الحرب العالمية الثانية تعددت وتشعبت أهداف الكاركتيرات والمانجا حيث قامت الحكومة باستخدام العديد من الفنانين، لرسم الدعايات المؤيدة لقوات البلاد وجنود الامبراطور، في حربهم ضد الحلفاء، وبدأت البروباجاندا تطغى على اعمال الكوميديا والفكاهة، لكن انتصار الحلفاء كان محط الرحال لمانجا البروباجاندا وكاركتيراتها، وقام الحلفاء ضمن خطواتهم الكثيرة بعد الحرب، بوضع مراقبة على الرسامين والفنانين، وتم التضييق عليهم، حيث بدا الامر وكأن المانجا قد توقفت عند هذا الحد.
بعد انتهاء الحرب وما حولها تماماً، كان الوقت مناسباً لظهور شخص سيكون له الأثر الاكبر على المانجا والانمي ليهدي إلى الثقافة والعالم أجمع فناً لم يرى من قبل وبصورة مختلفة عما سبق، وليمنح الترفيه معنى جديداً، مثل فيما بعد جزءً مهماً من الثقافة اليابانية الحديثة. هذا الرجل المرحلي كان أوسامو تيزوكا والذي يطلق عليه المؤرخون وصناع الثقافة الرسومية بجزأيها الثابت والمتحرك (رب الانمي والمانجا). عمل أوسامو تيزوكا في أحد المصانع إبان الحرب وبعدها بقليل. وكان طبيباً إحتياطياً حيث تخرج من كلية الطب في جامعة أوساكا. تأثر أوساكا في طفولته بوالت ديزني وأعماله الشهيرة كميكي ماوس ودونالد ماك دك، وكذلك أعمال الاخوين فليشر، ويروي تيزوكا في مقابلات مختلفة له كيف أنه كان يشاهد بمتعة بالغة تلك المقاطع لوالت ديزني على البروجكتر الخاص بوالده، لذا فقد تأثرت رسومه التي كان ينشرها بين زملائه بتلك المشاهدات، لكنها لاقت شعبية واسعة وتقديراً كبيراً بين أقرانه وأصدقائه. يجمع المؤرخون والمهتمون واسعو الاطلاع أن تيزوكا هو البادرة الاولى في تشكيل الوجه المعاصر للانمي والمانجا ولا شك أن لهذا القول وجاهته وأسبابه. فعلى صعيد المانجا كان تيزوكا هو أول من قام برسم رواية طويلة، على شكل إطارات متسلسلة في عام 1947م بعنوان جزيرة الكنز الجديدة حيث بلغ عدد صفحاتها حوالي 200 صفحة وهي أولى الأعمال أيضاً التي كونت فيما بعد مفهوم (التانكابون) أي المانجا العملاقة أو الرواية التصويرية كما يطلق عليها الغرب، لقد كان ذلك حدثاً جديداً في ساحة الفن التصويري في اليابان.
أحد الادوار المذهلة التي يمكننا ملاحظتها في هذا العمل هو الرسوم ذاتها، فقد دمج هذا الرسام الشاب، الاسلوب المبالغ فيه والذي كان ظاهراً في الكرتون الغربي آنذاك، والتقنيات المستخدمة في السينما المبكرة، واختار لعملية الدمج المتقنة هذه، قصصاً واهتمامات تلامس هواجس الياباني المعاصر وتطلعاته، مما استجلب قراء المانجا والكتب على حدٍ سواء.
أحد الاشياء التي حققت قابلية فن تيزوكا المصور، كانت المشاهد المرسومة بشكل معقد، والتقنيات التي تشاهد فقط في الافلام الابيض والاسود فقط آنذاك، حيث كان تيزوكا يبذل جهداً بالغاً، في مطابقة الاعمال السينمائية ومناظرها المتميزة. باستخدام التقريب والمباعدة، والتصوير من الاعلى وتحديد الكادر على الشخصية، استطاع تيزوكا ابتكار مانجا لم ترى من قبل، واستمر في توضيح شعوره بأن المانجا كانت محددة، مما قيد الاستمتاع بقراءة روايات المانجا. الطرافة والابداع في تقنيات تيزوكا برهنتا على صدق أفكاره واستطاعت مبيعاته أن تصل الى 400,000 في نشره الاول، وهذا كان أمراً مفاجئاً لفن لم يحقق ذلك الانتشار.
استمر تيزوكا في تحقيق الانتشار لفنه بطرق خلاقة، فلم يتوقف عن استثمار قصص شهيرة، بل انطلق يرسم في أنواع مختلفة، فقد رسم القصص الدرامية، وقصص الاثارة والحركة، الخيال العلمي، وحتى رسوم البالغين. هذه الانواع المختلفة من المواضيع والقصص والاساليب لم تتوقف عند المانجا، بل أسست لعالم الانمي الذي تفجرت رؤاه من أستديو تيزوكا الناشئ (موشي برودكشن). إن تصنيفات مثل الشوجو أو الشونن ظهرت بصورة فعلية مبكرة مع ظهور نجم تيزوكا في صناعة المانجا والانمي، وبظهور هذا النجم اللامع، كان لابد من ظهور فنانين عدة، كونوا تياراً فنياً يمارس صناعته انطلاقاً من رؤى وأفكار أوسامو تيزوكان الى أبعاد لم يكن يحلم بها أحد.
كل ما يمكن قوله أن أوسامو تيزوكا هو من قاد الثورة التي أدت الى تغيير ملامح عالم المانجا والانمي.
إرسال تعليق على: "أوسامو تيزوكا عراب الانمي والمانجا "