مراجعة أنمي كايجي Kaiji الجزء الأول



كنتُ في أوج استمتاعي بالمسلسل حين انتهى الجزء الأول منه، لكنَّ ما بلغني من انطباعات حول الجزء الثاني أشعرني بأنني على موعد مع هبوط حادٍّ في المستوى؛ من ذلك مثلاً ما قرأتُه من أن الاستوديو المنتِج تخلَّى عن فكرة إنتاج الجزء الثالث بسبب تراجُعٍ ما في مؤشِّرات نجاح الجزء الثاني، كما أنَّ المُراجِع المتميز ماهر موصلي أعطى الجزء الثاني علامةً تقلُّ عن الجزء الأول، فهل حقاً سقط "كايجي" في جزئه الثاني؟ وهل حقاً كان هذا الجزء أقلَّ جودة من سابقه؟




أستطيع القول بثقة تامة، وبعد إتمامي مشاهدة الجزء الثاني، بأنه لا يقلُّ روعة عن سابقه، بل ربما يتفوَّق عليه في عدد من الجوانب، وإن كان من انخفاضٍ في تقييمه من لدن المشاهدين فإني أرجِّح أنه عائد لسببين رئيسيين:


- السبب الأول: كثرة المنافسات في الجزء الأول وقلَّتها في الجزء الثاني. لدينا في الجزء الأول أربع منافسات متنوعة، وأما الجزء الثاني فيضم منافستين فقط وفي نفس عدد الحلقات (26 حلقة)، مع تغليب شديد للمنافسة الثانية والأخيرة التي التهمت معظم حلقات الجزء.


- السبب الثاني: انخفاض مستوى الخطورة. في الجزء الأول كانت الخسارة في اللعبة تعني النفي إلى جحيم الأعمال الشاقة، أو الموت على الفور، أو فقدان بعض أطراف الجسد. وأما في الجزء الثاني فلم يكن في الخسارة ذلك التهديد المرعب المعهود.


فيما عدا ذلك، فإن الجزء الثاني قد حافظ عن جدارة واستحقاق على كافة عناصر القوة التي تميَّز بها المسلسل، ورغم الفاصل الزمني الطويل نسبياً بين الجزءين (من 2007 إلى 2012) إلا أن الإخراج لم يقع في فخِّ محاولات التطوير والتجديد التي تنتهي في الغالب إلى إفساد كل شيء… ظلَّ مستوى الرسم ثابتاً وربما تحسَّن قليلاً، لم تتغير درجة الألوان، الموسيقى التصويرية ظلَّت متجانسة وتنتمي لنفس الأجواء المطلوبة، الخلاصة أن جهوداً واضحة وواعية ومدروسة بعناية بُذلت للحفاظ على مستوى فني معيَّن، وهو ما دلَّ على أن وراء المسلسل أناساً هدفوا إلى صناعة تحفة فنية حقيقية للخلود وليس عملاً تجارياً رخيصاً للنسيان السريع، وقد نجحوا في ذلك دون شك.


وأما فيما يخص الأحداث فأقلُّ ما يقال عنها أنها جنونيةٌ ومبهرة! في "كايجي" نحن وسط عالم واقعي تماماً لا مجال فيه للخوارق ولا حتى للمبالغات المتكلِّفة التي يفرُّ إليها الكتَّاب لفكِّ عُقَد حبكاتهم. العقدة في "كايجي" مُحْكمةٌ إلى أقصى حدٍّ يمكن تخيُّله، والخروج منها يبدو مستحيلاً بكافة المقاييس المادية والعقلية، لكن المؤلف يستطيع دائماً ابتكار حلٍّ عبقريٍّ ما من حيث لا يخطر على بال أحد، حلٍّ مقنع تماماً ويخلو من أي تكلُّفٍ أو مبالغة، ودون الخروج قيد أنملة عن القوانين المادية والفيزيائية الطبيعية.


كانت حلقات لعبة "الباتشينكو" في الجزء الثاني مجنونة بحق، وكانت شَجاعة هائلة تلك التي دفعت المخرج إلى تعمُّد ذلك التمطيط الشديد المدمِّر حرفياً لأعصاب المشاهد. لقد نجح المسلسل حقاً في شدِّ حواسي إليه حتى لا تكاد عيناي ترمشان، كما قد نجح أيضاً في ضخِّ كميات هائلة من الأدرينالين في دمي، حتى لقد ضبطتُ نفسي أكثر من مرة وقد غيَّرتُ جلستي إلى جلسة المتأهب للانقضاض وقبضتاي مشدودتان بقوة كمشجِّع متحمِّس لكرة القدم يوشك فريقه أن يسجل هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة… حقاً لقد شاهدتُ العشرات من أفلام التشويق ومسلسلات الإثارة، لكن حجم التوتر الذي عشته مع "كايجي" كان استثنائياً بحقٍّ وذا طعم مختلف تماماً عن أي شيء شاهدتُه من قبل.


كانت مشاهدة "كايجي" تجربة فائقة لا تنسى، وأنا شاكر حقاً لمسلسل "لعبة الحبار Squid Game" الذي ذكَّرني بـ "كايجي"، مسلسلِ الأنيمي الذي رفضتُ مشاهدته منذ علمتُ بصدوره عام 2007 لأن رسومه بدت لي غريبةً عما اعتدتُ عليه، وكم كنت غبياً آنذاك…


▪︎ أنس سعيد محمد



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل قصة انمي مونستر حقيقية

إعلان أنمي Patlabor مع موعد النزول

إلغيوررا شفير: فراغٌ يبحث عن معنى في أنمي Bleach